شهد الرئيس عبدالفتاح السيسى وقرينته السيدة انتصار السيسى، أمس، احتفالية يوم المرأة المصرية، بمركز المنارة بالتجمع الخامس بالقاهرة الجديدة، بحضور الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس مجلس الوزراء، والفريق أول محمد زكى، القائد العام للقوات المسلحة، وزير الدفاع والإنتاج الحربى، واللواء محمود توفيق، وزير الداخلية، وعدد من الوزراء وكبار رجال الدولة.
وبدأت الاحتفالية بعرض فيلم تسجيلى عن دور المرأة المصرية كقائدة فى مسيرة تقدم الوطن، ثم تم عرض فقرة من الابتهالات والتواشيح الدينية بأداء المطربة نداء شرارة، حيث وجه الرئيس السيسى بتخصيص 10 مليارات جنيه لصندوقى «تأمين الأسرة» و«كبار السن» بواقع 5 مليارات لكل صندوق، لافتًا إلى أن الدولة لن تدخر جهدًا لدعم هذه الصناديق، مؤكدًا أن تعظيم موارد هذه الصناديق والحفاظ على أصولها أمر ضرورى للغاية.
وقال الرئيس السيسى، خلال كلمته، إن المرأة المصرية ستظل دائمًا محورًا أساسيًّا لأمن واستقرار البلاد ومصدر إلهام لا ينقطع عطاؤه، فهى تسجل كل يوم فى مختلف المجالات والميادين أسمى معانى العطاء والصبر والتضحية والكفاح، ساعية بكل إخلاص وجهد للحفاظ على أسرتها ووطنها، كما أن سيدات مصر دائمًا يسعين بكل إخلاص وجهد للحفاظ على أسرهن ووطنهن.
وأضاف الرئيس: «لعل احتفالنا اليوم هو محاولة لتسليط الضوء على دور المرأة المصرية فى رفعة هذا الوطن، باعتبارها المسهم والشريك المعطاء باختلاف وتنوع أدوارها، فقد احتضنت وربّت وتفوقت وأجادت وألهمت وقادت وحملت هموم هذا الوطن وقضاياه على عاتقها، مقدمة فى سبيل رفعته وسلامته فلذة كبدها وزهرة عمرها، فهى أم الشهيد الصابرة والزوجة الداعمة وقت الشدة والأخت الفاضلة والابنة التى تملأ الدنيا سعادة وبهجة، متطلعة لبناء غد مشرق لبلادنا».
واستكمل الرئيس: «عظيمات مصر سيداتها وفتياتها.. أكدتن خلال السنوات الماضية التزامنا الأصيل بتعزيز مكانة المرأة المصرية بما يعكس قيمتها وحجم التضحيات التى قدمتها بكل تجرد من كل هوى إلا هوى الوطن، فهى ضمير الأمة ونبضها والحارس الأمين على الهوية المصرية والسند ومنبع العطاء وقت المحن، والدرع الواقية أمام محاولة النَّيْل من عزيمة هذا الوطن»، موجهًا الحكومة بمراجعة وتطبيق أسس المساواة بين الجنسين فى الاستفادة من الخدمات المصرفية دون تمييز وتنمية اقتصاد الرعاية، باعتباره مجالًا متاحًا لعمل المرأة؛ إذ يوفر فرص عمل جديدة لها، ويسمح بتحقيق التوازن بين دورها الإنتاجى ودورها الاجتماعى، وتشجيع الاقتصاد الرقمى، باعتباره يشكل قيمة مضافة فى الاقتصاد القومى، ويستوعب أنماطًا مختلفة من العمالة المعطلة، ويتيح فرصة للإدراك المهنى.
وأشار الرئيس إلى ضرورة تمكين المرأة من المشاركة الاقتصادية بفاعلية بموجب ما يتيحه من فرص للعمل المرن، الذى يساعد على تحقيق التوازن بين العمل والأسرة، كما وجّه الحكومة كذلك بتوفير التمويل للمرأة بأقل الشروط والضمانات لإقامة المشروعات الصغيرة والمتوسطة والتوعية المالية ببرامج الشمول المالى للسيدات فى المناطق الريفية والنائية، وتوفير الدعم الفنى للمرأة فى مجال ريادة الأعمال، والتوسع فى توفير حاضنات أعمال للمشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر، والتوسع فى برامج التدريب التحويلى لرفع مهارات المرأة فى الصناعات المطلوبة بسوق العمل، وكذلك فى المجالات التكنولوجية والرقمنة، ما يزيد من فرص حصول المرأة على وظائف المستقبل.
وكلف الرئيس أيضًا باستحداث محور لتعزيز القيم الأخلاقية والاجتماعية فى المشروع القومى لتنمية الأسرة المصرية لضمان بناء مجتمع متماسك وفعال، وتكليف الحكومة والمجلس القومى للمرأة بإنشاء متحف المرأة المصرية لحفظ تراث المرأة المصرية وتوثيق تطوير تمكين المرأة على مدى العصور القديمة بالعاصمة الإدارية الجديدة، وشدد على تقديره للمرأة المصرية الصابرة الصامدة المكافحة المخلصة والوافية، مردفًا: «خالص تقديرى وتحياتى وتحيات أبناء هذا الوطن، فماضيك حضارة سبقت التاريخ وحاضرك شموخ وصمود ومستقبل هذا الوطن تضيئه شمسك المشرقة».
وخلال كلمة مرتجلة ضمن الاحتفالية، أكد الرئيس أن الدولة ومسؤوليها لا يميزون بين الرجل والمرأة عندما يتعلق الأمر بالنماذج التى يحتاجها العمل، فالمرأة والرجل فى مصر جيدان جدًّا، ونحن شعب عظيم له تاريخ كبير جدًّا جدًّا على مر آلاف السنين.
وأوضح: «الله سبحانه وتعالى أوصانا بضرورة تقدير واحترام المرأة فى أى سن كانت.. اسمحوا لى أن أقول ونحن نحتفل بكل سيدة ونقول لها شكرًا ربنا يجازيكى خير ويعطيكى الصحة ويوفقك سواء كانت امرأة صغيرة أو كبيرة.. وأنا لا أبالغ فى ذلك، فأنتم لستم على علم بأن الله قد طلب منا أن نحترم ونقدر ونعتنى بالمرأة فى أى سن، لذلك أقول للرجال انتبهوا».
وتابع: المولى عز وجل قال فى كتابه الكريم (حملته وهنًا على وهن)، والنبى الكريم محمد، «ص»، أوصانا خيرًا بالمرأة تقديرًا لتضحياتها»، مستشهدًا بالحديث الشريف: «مَن أولى الناس بحسن صحابتى يا رسول الله؟.. قال أمك.. ثم أمك.. ثم أمك»، والأنبياء لا يتكلمون إلا بالوحى، وهذا ما نؤكده فى هذه المناسبة من ضرورة الالتزام بهذه المعانى الجميلة من قِبَل الجميع.
وأكد الرئيس أن الأمور الداخلية فى مصر مستقرة وفى طريقها إلى التحسن، وهناك خطة مدروسة لتجاوز الأزمات وإحداث استقرار فى أسعار السلع، قائلًا: «إن الدولة ملتزمة بدعم الاقتصاد الحر، ولكنها ستتدخل حال عدم حدوث توازن فى الأسواق، خاصة أن الأزمة تم تجاوزها الآن، وإن الدولة قادرة على تدبير الأموال والسلع المطلوبة ومن ثم بيعها فى الأسواق لإحداث التوازن المطلوب.. إن الحكومة فى الماضى تراجعت عن هذا الدور وأسندت المهمة للقطاع الخاص، لكنها لن تتردد فى العودة للقيام بهذا الدورة مرة أخرى».
وشدد الرئيس السيسى على أهمية تماسك الجبهة الداخلية وتكاتف مؤسسات الدولة والإعلام والمفكرين والمثقفين والمساجد والكنائس والأسر، وتوعية المواطنين بكل ما يحيط بنا من أحداث لكى نحافظ على بلدنا.. وأضاف: «لا يتعين علينا أن نقلق فنحن بخير».
وأشار الرئيس: «إننا لا نخاف مما يحدث فى الخارج، ونحن نراعى الله فى كل ما نفعل، وأعيننا دائمًا على الداخل وعلى أولادنا الصغار الذين لم يمروا بتجربة 2011، من أجل توعيتهم بضرورة الحفاظ على الوطن… إننا نطفئ الحرائق ولا نشعلها، وهناك حساب من الله لكل من تسبب فى نقطة دم أو خراب سيحاسب عليه».
ووجه الرئيس السيسى رسالة طمأنة لكل مواطن، قائلًا: «اطمنوا علينا، نحن نتحرك بكل جهد لحل الأزمة فى المنطقة من خلال وقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن وإعادة إعمار قطاع غزة، وإيجاد حل دائم للقضية الفلسطينية».
كما وجه الرئيس السيسى تحية وتقديرًا للفنانة صفاء أبوالسعود، معربًا عن سعادته بحضورها الاحتفال، داعيًا إياها إلى ضرورة المساهمة بعمل يضيف شيئًا إيجابيًا إلى مجتمعنا.
من جانبها، كشفت صفاء أبوالسعود عن أن هناك أشياء يتم تنفيذها بالتعاون مع وزارة الشباب والرياضة والطلائع وستكون «مفاجأة»، موجهة الشكر إلى الرئيس عبدالفتاح السيسى قائلة: «كل عام وأنت طيب».
وخلال الاحتفالية، كرّم الرئيس السيسى مجموعة من السيدات المتميزات والنماذج المشرفة من الأمهات المثاليات الفضليات، وبدأ بتكريم الأمهات المثاليات، حيث منحهن «وسام الكمال» من الطبقة الثانية، ومنهن الأم المثالية الأولى على مستوى الجمهورية، أنيسة فريد منصور، من محافظة الدقهلية، والأم المثالية الثانية على مستوى الجمهورية، وفاء أحمد محمد، من محافظة كفرالشيخ، والأم المثالية الثالثة على مستوى الجمهورية، تيسير محمود، من محافظة مرسى مطروح، والأم المثالية الرابعة على مستوى الجمهورية، أميمة طلعت، من محافظة المنوفية.
وكرَّم الرئيس الأم المثالية لابن من ذوى الهمم، شهيرة راضى محمد، من محافظة مرسى مطروح، وحرص ابنها على مصافحة واحتضان الرئيس السيسى خلال الاحتفالية، وسط تصفيق الحضور، كما تم تكريم الأم المثالية من ذوى الهمم، شادية عبدالحكيم، من محافظة الغربية، وكذا الأم المثالية البديلة، فرح حسين، من محافظة الجيزة.
وكرم الرئيس، كذلك، الأم المثالية الحاصلة على مشروع التمكين الاقتصادى من قرى «حياة كريمة»، كوثر محمود إبراهيم، من محافظة أسيوط، والأم المثالية من أمهات شهداء الشرطة، هدى عبدالحميد، حيث استمع الرئيس إلى الأمهات المثاليات باهتمام وتقدير بالغين وتبادل معهن أطراف الحديث الودى، مؤكدًا تقديره لتضحيات أمهات الشهداء.
وكرم الرئيس، أيضًا، النماذج المضيئة من السيدات المصريات المشرفات فى مختلف المجالات، وهن الدكتورة نادية إسكندر زخارى، وزيرة البحث العلمى سابقًا، الحائزة على جائزة الدولة التقديرية ضمن العالمات الفائزات بجوائز الرواد والمرأة، وهى مصنفة المرأة الأولى فى مصر إيجابية ونشاطًا ورقم 16 بين النساء فى العالم العربى.
كما تم تكريم الدكتورة نجلاء أنور مصطفى الأهوانى، وزيرة التعاون الدولى سابقًا، وسميحة راهب بشاى، رائدة التعليم، مديرة مدرسة القديس يوسف بالزمالك، والدكتورة منى صالح الصبان، أستاذ المونتاج بالمعهد العالى للسينما، ومؤسسة أول مدرسة فى الوطن العربى لتعليم فنون السينما والتليفزيون عن بعد، والدكتورة ميساء أنور المفتى، صاحبة فكرة المشروع القومى لمحو الأمية، والدكتورة تيسير توفيق أبوالنصر، عميدة كلية الهندسة فى جامعة أوتاوا بكندا سابقًا، وعميدة كلية العلوم التطبيقية بجامعة بريتش كولومبيا سابقًا.
وشملت التكريمات، الدكتورة ريهام عبدالله سلامة نصر، مديرة مرصد الأزهر لمكافحة التطرف، إحدى القيادات النسائية العاملة فى مجال مكافحة التطرف العنيف وإحلال السلام، والراهبة دميان بالميلاد مارى، مديرة مدرسة المحبة الخاصة، والتى أسستها فى عزبة النخل لخدمة أبناء المنطقة، وقدمت برامج علاجية للطلاب الذين لديهم صعوبات تعلم من خلال المدرسة أو خارجها، إلى جانب الدكتورة إيمان صلاح الدين المحلاوى، مؤسسة ورئيسة قسم الهندسة الميكانيكية فى الجامعة البريطانية، وأستاذ متفرغ بجامعة القاهرة، حيث شاركت فى العديد من المشكلات تخص صناعة وسباكة الصلب فى المصانع المصرية والمصانع الحربية، والدكتورة منى محمد سعيد الحديدى، صاحبة أول رسالة دكتوراه عن السينما المصرية، والعميدة الأولى للأكاديمية الأولى للهندسة وعلوم الإعلام، ورائدة العمل الإعلامى فى مصر والعالم العربى.