خبير عقاري: السوق لم يتراجع، لكنه أعاد ترتيب أولوياته.. الأسم يبيع ومن لا يملك الثقة والقدرة على التنفيذ، لن يكون له مكان في هذه المرحلة
السوق العقاري يعيد ترتيب أولوياته.. و«العقار الآمن» كلمة السر في 2025
كتب: علا الحوفي
بين تقلبات اقتصادية عالمية، وارتفاع معدلات التضخم، وتغيرات في سلوك المستهلك العقاري، شهد السوق العقاري في مصر خلال عام 2025 تحولات أعادت تشكيل خريطة العرض والطلب ؛ فقد أصبح السوق أكثر انتقائية، والمشتري أكثر وعيًا، والمنافسة أكثر حدة، لكنها غير متكافئة.
وفي هذا الصدد، قال عمرو حسن المدير التنفيذي والخبير العقاري أنه مع انطلاق الربع الأول من 2025، اتخذت بعض الشركات الكبرى سياسات جديدة في السوق العقاري عبر طرح أنظمة سداد مرنة، وكانت البداية مع شركة “بالم هيلز”، التي قدمت خطط سداد تمتد لأكثر من عشر سنوات، وبمقدمات بسيطة، قائلٌا:هذا التوجه أحدث صدمة إيجابية لدى العملاء، لكنه فتح باب المنافسة أمام بقية المطورين لمحاولة مجاراة هذا النموذج، دون النظر الكافي إلى الفروق الجوهرية في الملاءة المالية بين الشركات الكبرى والمطورين الصغار.
صغار المطورين في فخ السداد الطويل
وأضاف حسن أن ذلك جعل عدد كبير من صغار المطورين يتسابقون لتقديم أنظمة سداد مشابهة، تمتد إلى 10، 12، وأحيانًا 14 عامًا، لمواكبة الشركات الكبرى وظنًا منهم أن ذلك سيجذب العملاء، لكن هذا التسابق أوقعهم في مأزق تمويلي حاد، خاصة أن هذه الشركات مطالبة في الوقت نفسه بـتنفيذ الإنشاءات وفق الجداول الزمنية وسداد أقساط الأراضي المستحقة للدولة، غالبًا خلال 3 إلى 4 سنوات، تغطية فجوة التدفقات النقدية الناتجة عن طول فترة التحصيل من العملاء، والنتيجة فجوات تمويلية واسعة قد تهدد بقاء بعض الشركات في السوق.
2025 تشهد تغير في سلوك العميل.. الشراء بحذر والأسم يبيع
وأكد الخبير العقاري أنه تزامنًا مع هذه التغيرات، شهد السوق تحولًا واضحًا في سلوك العملاء، فقد بات المشتري أكثر حذرًا في قراراته، مفضلًا التعامل مع الشركات ذات التاريخ الموثوق والسابقة القوية في الإنجاز. فـ”الأمان” أصبح الكلمة المفتاحية للشراء العقاري في 2025.
ففي ظل الأزمات العالمية، والحروب، وارتفاع الأسعار، يبحث العميل الآن عن ضمانات حقيقية على التسليم. واسم كبير يمكن الوثوق به، بالإضافة إلي استقرار مالي لدى المطور، يضمن له تنفيذ المشروع في ظروف صعبة.
وأشار إلي أنه بالرغم من كثافة الطروحات والعروض التسويقية في الربع الأول من العام، لم تحقق معظم الشركات الصغيرة والمتوسطة مبيعات تذكر. في المقابل، استمرت الشركات الكبرى – مثل “طلعت مصطفى” – في تحقيق معدلات بيع جيدة، مدعومة بثقة العملاء وسوابق الأعمال قائلٌا “الاسم يبيع”… عبارة تحققت بكل وضوح هذا العام
مشاريع جديدة تقود موجة الأمل في غرب القاهرة
وأشاد بمشروع جريان بأنة وسط هذا المشهد الضبابي، يبرز المشروع كنقطة مضيئة في السوق العقاري فالمشروع يمثل مفهومًا جديدًا يتمثل في مد شريان عمراني جديد من نهر النيل باتجاه غرب القاهرة، بمشاركة كبرى الشركات العقارية.
ودلل بأن جوريان ليس مجرد مشروع، بل امتداد عمراني استراتيجي مشابه لنماذج ناجحة مثل العاصمة الإدارية الجديدة والعلمين، ومن المتوقع أن يكون هذا المشروع محركًا قويًا للاستثمار، خاصة بعد سنوات من التركيز على شرق القاهرة.
خبير تخطيط الإستراتيجي: السوق العقاري المصري يشهد حالة من التباطؤ الملحوظ طوال عام 2024 ومستمر حتي الأن
وعلي الجانب الأخر يختلف محمد خطاب خبير التخطيط الإستراتيجي في رؤيتة لوضع السوق العقاري المصري قائلٌا أن السوق العقاري المصري يشهد حالة من التباطؤ الملحوظ طوال عام 2024، بالرغم من النشاط الظاهري في موسم الصيف، وخاصة في منطقة الساحل الشمالي، وقد ساهمت مشروعات مثل “SouthMED” التابع لمجموعة طلعت مصطفى في خلق حركة جزئية بالسوق، إلا أن هذه الحركة لم تكن انعكاسًا حقيقيًا لحالة السوق العامة، بل كانت مدفوعة بطلب مستمر ومعتاد على الساحل الشمالي تحديدًا، وهو طلب لا يتأثر سلبًا بارتفاع الأسعار، بل على العكس، ازداد مع الزيادات السعرية بسبب قناعة المشترين بأن هذه المنطقة ستصل لمرحلة التشبع الكامل في المستقبل القريب.
عروض الكاش باك مؤشر واضح علي تباطؤ السوق العقاري
وأضاف خطاب أن الزيادات الكبيرة التي شهدها السوق خلال عام 2023، والتي وصفت بأنها غير مسبوقة، تسببت في حالة من الركود خلال 2024. ورغم التوقعات المتفائلة بحدوث تعافٍ مع بداية 2025، إلا أن الواقع أثبت العكس. فشركات التطوير العقاري الكبرى لجأت إلى تقديم عروض حصرية وأخرى شديدة الجاذبية في نظم السداد وصلت إلى 12 و14 سنة، وهو ما يعد مؤشرًا واضحًا على استمرار التباطؤ. كما ظهرت عروض مالية مثل “الكاش باك” بنسبة 5%، وهي أساليب تسويقية لم تكن مألوفة من قبل، حتى لدى مطورين كبار مثل طلعت مصطفى الذي لطالما اعتمد على تسويق تقليدي قائم على سمعة المشروع وجودته، دون الحاجة إلى خصومات أو محفزات مالية مشابهة.
وأشار إلي أن صيف 2025، لا يتوقع أن يشهد تغييرات كبيرة مقارنة بصيف العام الماضي. فالمبيعات ستستمر، لكن السوق ككل سيظل في حالة من التباطؤ، خصوصًا مع استمرار الفجوة بين أسعار السوق وبين الأسعار التي يطرح بها المطورون وحداتهم. ومن المرجح أن يشهد العام زيادات سعرية محدودة تهدف فقط إلى تحقيق نوع من التوازن والاستقرار.
“جريان” مشروع يراهن علي غرب القاهرة ..ولكن أخطاء ترويجه تعطل انطلاقة
وعلق عن مشروع الإتجاه نحو غرب القاهرة قائلٌا:” تم طرح مشروع “جريان” في غرب القاهرة كمحاولة لتوجيه بوصلة السوق بعيدًا عن الساحل الشمالي. ورغم أن فكرة المشروع تعتبر متميزة، إلا أن طريقة طرحه والترويج له شابها الكثير من الأخطاء والتخبط، علي حد وصفه مما أضعف من تأثيره في السوق، ولا يمكن اعتباره منافسًا مباشرًا للساحل الشمالي، فكل منهما يخدم شريحة مختلفة ويعتمد على منطق استثماري وتسويقي مختلف.
وعلق الخبير الإستراتيجي علي ظهور طلعت مصطفي الأخير والحديث عن أرقام مبيعات مشروع SouthMED قائلٌا: أنه من المبكر إصدار أحكام دقيقة، خاصة أن السوق لا يزال في بدايات الموسم الصيفي. ويبدو أن هناك محاولة واضحة من المطورين لجر السوق تجاه المشروع لتسريع حركة المبيعات، ولعل الظهور المتكرر لممثلي المشروع على شاشات الإعلام، يندرج ضمن هذه الاستراتيجية الترويجية المكثفة.