في خطوة جديدة لتعزيز موقعها كمركز إقليمي للطاقة، أعلنت وزارة البترول والثروة المعدنية المصرية عن إطلاق مزايدة عالمية للتنقيب عن النفط والغاز في أربع مناطق بالبحر الأحمر، بنظام استثماري جديد يُطبّق لأول مرة في البلاد، يستهدف تحفيز الشركات العالمية على ضخ استثمارات جديدة في المناطق البكر والمياه العميقة.
وجاء الإعلان على لسان المهندس كريم بدوي، وزير البترول والثروة المعدنية، خلال مشاركته في فعاليات مؤتمر أديبك 2025 المنعقد في العاصمة الإماراتية أبوظبي، حيث أوضح أن المزايدة تُطرح من خلال شركة جنوب الوادي القابضة للبترول عبر بوابة مصر الإلكترونية للاستكشاف والإنتاج، في إطار استراتيجية الوزارة لجذب الاستثمارات الأجنبية وتعظيم الاستفادة من الثروات البترولية في المناطق الحدودية.
وأكد الوزير أن المزايدة الجديدة تعتمد نظام اقتسام الإنتاج وفقًا لمعامل الربحية (R-Factor)، الذي يتيح توزيع العوائد الاستثمارية بصورة أكثر مرونة وعدالة بين الدولة والمستثمر، تبعًا لحجم المخاطر والتكاليف الاستثمارية في كل منطقة، مشيرًا إلى أن هذا النظام يأتي ضمن الجيل الجديد من عقود البحث والاستكشاف التي تهدف لخلق بيئة استثمارية أكثر جذبًا وتنافسية.
وأضاف أن منطقة البحر الأحمر تُعد من أهم المناطق البترولية الجديدة الواعدة، لما تزخر به من فرص ضخمة لاكتشافات مستقبلية في مجالي النفط والغاز الطبيعي، مؤكدًا أن الوزارة تعمل وفق خطة شاملة لتعزيز الإنتاج المحلي وتوسيع نطاق الاستكشاف في الأحواض الجيولوجية غير المستغلة.
وأشار بدوي إلى أن موعد إغلاق المزايدة وتقديم العروض سيكون في 3 مايو 2026، لإتاحة الوقت الكافي أمام الشركات العالمية لدراسة المناطق المطروحة وإعداد عروضها الاستثمارية بدقة وكفاءة، موضحًا أن المزايدة تأتي في إطار المحور الأول من استراتيجية الوزارة لجذب مزيد من الاستثمارات الأجنبية، خاصة في المناطق عالية المخاطر مثل المياه العميقة بالبحر الأحمر.
وتسعى الحكومة المصرية إلى تحفيز الشركات الأجنبية العاملة في قطاع الطاقة من خلال الإسراع في سداد المستحقات المتأخرة التي تراكمت خلال الأعوام الماضية، والتي تُقدر بنحو 1.7 مليار دولار، على أن يتم الانتهاء من سدادها كليًا قبل نهاية الربع الأول من عام 2026، وفقًا لتصريحات مسؤول حكومي سابق.
وفي سياق متصل، أشار الوزير إلى أن مصر تعمل حاليًا على زيادة الإنتاج المحلي من الغاز الطبيعي ليصل إلى نحو 6.6 مليار قدم مكعب يوميًا بحلول عام 2027، مقابل 4.1 مليار قدم مكعب حاليًا، بما يمهد الطريق أمام استئناف تصدير الغاز الطبيعي للأسواق العالمية بعد فترة توقف مؤقتة نتيجة تراجع الإنتاج.
وبحسب بيانات “بلومبرغ”، ارتفعت فاتورة واردات الغاز المسال والمنتجات البترولية لمصر بنسبة 60% خلال عام 2025 لتصل إلى 20 مليار دولار، مقارنة بـ12.5 مليار دولار في عام 2024، وهو ما يعكس حجم الضغوط التي تواجهها الدولة في ظل الطلب المحلي المتزايد على الطاقة، ويبرز أهمية المزايدة الجديدة في تقليل الاعتماد على الواردات وتعزيز الاكتفاء الذاتي.
وأكد الوزير في ختام كلمته أن القطاع البترولي المصري مستمر في تنفيذ استراتيجيته لجذب الاستثمارات وتطوير الكوادر والتقنيات، بما يضمن استدامة الإنتاج وتعظيم القيمة المضافة للموارد الطبيعية، مشيرًا إلى أن الاستقرار التشريعي والاقتصادي يمثلان الركيزة الأساسية لاستمرار تدفق الاستثمارات الأجنبية في قطاع الطاقة.