اللي أوله «مصباح علاء الدين» آخره «شقى عمري ضاع»
لماذا يقع المصريون في فخ «توظيف الأموال»؟.. خبراء يجيبون (تقرير)
ثروة- ابتهال عامر:
على مدار سنوات وعقود؛ اختلفت أساليب النصب على المصريين تحت مسمى «توظيف الأموال»، بداية من «الريان» ونهاية بشركات توظيف الأموال عبر الإنترنت، مرورا بكثير من «المستريحين» الذين ظهروا في حياتنا خلال الأعوام الماضية.. إلا أن الذي لم يختلف على مدار هذه السنوات هو نظرة المصريين إلى «توظيف الأموال»، حيث يرون أنها بمثابة «مصباح علاء الدين» أو «الدجاجة التي تبيض ذهبا».
ورغم كل وقائع النصب المتتالية، والأسماء الشهيرة التي احتلت وسائل الإعلام باعتبارهم نجوم ملفات قضايا «توظيف الأموال»، وفي الخلفية منها صراخ الضحايا وآهاتهم ودموعهم بعد أن فقدوا أموالهم، إلا أن النتيجة دائما هي مزيد من الضحايا المُودعين، الذين لا يملكون إلا البكاء على أموالهم التي سلموها بإرادتهم لأيدي النصابين، مرددين العبارة السينمائية الشهيرة: «شقى عمري ضاع».
والسؤال هنا: «لماذا لا يتعلم المصريون من الماضي؟، ولماذا يقعون بكل سهولة في فح توظيف الأموال رغم كل الوقائع الشهيرة؟».. السطور التالية تحاول التفتيش وراء دوافع الضحايا، وسيرهم وراء المجهول تحقيقا للثراء.
يتفق عدد من خبراء الاجتماع والنفس أن «الطمع» يكون له العامل الأكبر، فالبعض يطمع فى المكسب والثراء السريع، لذا يسعى إلى هذه الأفراد أو الشركات التي تزعم تقديم الفائدة الأكبر، والتي معها يتم رسم خيالات المكاسب الكثيرة والباهظة، وفي وقت قليل، وهو الخيال الذي يجعلهم يغفلون عن وقائع كثيرة من النصب عاشتها مصر خلال العقود الماضية».
غياب الوعي والإعلام
كما يرى خبراء آخرون أن «غياب الوعي هو السبب الرئيسي وراء الوقوع في هذا الفخ»، وبحسب الدكتورة سامية خضر، أستاذ علم الاجتماع بكلية التربية جامعة عين شمس، فإن غياب الوعي الإعلامي والاستثماري هو السبب وراء الواقع في فخ النصب، وتقول: «الإعلام الحالي بدلا من أن يعظّم الوعي يقوم بسحبه، من خلال ما يقدمه من برامج غير هادفة أولوياتها الضحك والسخرية فقط، وهو ما يساهم في نشر الأمية في كل المجالات وعدم الوعي وتفريغ العقل المصري، وبالتالي يبحث البعض عن الاستسهال في كل شيء ومنها الثراء والربح دون جهد».
وتشير أستاذ علم الاجتماع، إلى أن الإعلام الواعي خاصة المنظور والمرئي منه، لابد أن يبدأ بمشكلة ما ويبحث عن حلها للخروج في النهاية بنتيجة واضحة تساهم بشكل كبير وواضح في التوعية وإفادة المواطنين بالإشكاليات وحلها وتغذية الفكر، وهو ما لا نراه في مثل هذه القضايا وما على شاكلتها.
وتضيف خضر أنه رغم التنمية الواسعة والاستثمارات في مجالات متعددة التي يشهدها المجتمع المصري في السنوات الأخيرة، إلا أن الإعلام ودوره مفقود بشدة، لذا فهناك ضرورة لإعادة هيكلة الإعلام المصري الذي ذهب وغاب عنا وتاه ولم يعد، فهذه الهيكلة ستعمل على تنشيط الفكر الذهني ونشر الوعي في كل المجالات والقضاء على الجهل بشتى صوره.
اختيار النصاب للضحية
في سياق متصل، يوضح الدكتور فتحي قناوي، الأستاذ بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية، أن الأفراد القائمين على عمليات النصب يستهدفون في الخفاء فئات معينة، يكونون على وعي كامل باحتياجاتهم، وهو الطريق الذي يدخلون إليهم من خلاله لإتمام عملية النصب بكفاءة عالية والاستيلاء على الأموال ومن ثم الفرار هاربين.
ويضيف قناوي أن عمليات النصب تكون بأسلوب معين يكون صاحبه على وعي كامل بكيفية التعامل مع الفئات المستهدفة، يساعده على ذلك غياب الوعي لدى هذه الفئات، وهو المشكلة الأساسية التي تساعد هؤلاء النصابين في الاستحواذ على أموال ضحاياهم.
وطالب أستاذ كشف الجريمة بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية، بضرورة توجيه المواطنين وإرشادهم وتوعيتهم بكل الأساليب والوسائل التي يتبعها هؤلاء، وذلك عبر وسائل الإعلام ورجال الدين إلى جانب دور الجامعات والمدارس، فاختيار النصاب للضحية ومعرفة خصائصه واحتياجاته هي أولى خطواته التي يبدأ بها.
الطمع وحلم الصعود الاجتماعي
وترى المستشارة النفسية مروة زايد، أن ضحايا «توظيف الأموال» تقف وراءهم العديد من العوامل النفسية والاجتماعية، حيث تقف الرغبة الكبيرة في الربح والمكسب السريع والطمع وراء سلك هذا الطريق، كما أن البحث عن السعادة وربطها بالمال، والظن أنه السبب الوحيد لتحقيق الرفاهية وتحقيق الرغبات والصعود الاجتماعي، يدفعهم إلى تجربة توظيف الأموال على اعتبار أن نتائجه مضمونة نسبيا، وهو ما يوهم به أصحاب توظيف الأموال ضحاياهم حيث تكون الوعود بجني الفائدة المالية الكبيرة التي تحقق أحلامهم وتحسين أوضاعهم.
وتشير المستشارة النفسية إلى الجانب الآخر، وهم من يقومون بالنصب باسم «توظيف الأموال»، حيث تأتى الوقائع المتتالية التي تنقلها وسائل الإعلام نتيجة انتشار الانتهازية والاحتيال، حيث يحاولون شحذ قدراتهم الذهنية لاستغلال الآخرين، بهدف الحصول منهم على أكبر قدر ممكن من المال، مستغلين حالة الطمع لديهم.